فصل: 195- ضبط:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



3- أنواع الصلح والحقوق التي يجري فيها الصلح:
قال ابن القيم رحمه الله: (والحقوق نوعان: حق الله، وحق الآدمي؛ فحق الله لا مدخل للصلح فيه كالحدود والزكوات والكفارات ونحوها، وإنما الصلح بين العبد وبين ربه في إقامتها، لا في إهمالها، ولهذا لا يقبل بالحدود، وإذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع؛ وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها.
والصلح العادل هو: الذي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به، كما قال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [الحجرات الآية 9]
والصلح الجائر هو: الظلم بعينه، وكثير من الناس لا يعتمد العدل في الصلح، بل يصلح صلحا ظالما جائرا، فيصالح بين الغريمين على دون الطفيف من حق أحدهما، والنبي صلى الله عليه وسلم، صالح بين كعب وغريمه، وصالح أعدل الصلح فأمره أن يأخذ الشطر ويدع الشطر؛ وكذلك لما عزم على طلاق سودة رضيت بأن تهب له ليلتها وتبقى على حقها من النفقة والكسوة، فهذا أعدل الصلح، فإن الله سبحانه أباح للرجل أن يطلق زوجته ويستبدل بها غيرها، فإذا رضيت بترك بعض حقها وأخذ بعضه وإن يمسكها كان هذا من الصلح العادل، وكذلك أرشد الخصمين اللذين كانت بينهما المواريث بأن يتوخيا الحق بحسب الإمكان ثم يحلل كل منهما صاحبه؛ وقد أمر الله سبحانه بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين أولا فإن بغت إحداهما على الأخرى فحينئذ أمر بقتال الباغية لا بالصلح فإنها ظالمة، ففي الإصلاح مع ظلمها هضم لحق الطائفة المظلومة، وكثير من الظلمة المصلحين يصلح بين القادر الظالم والخصم الضعيف المظلوم بما يرضي به القادر صاحب الجاه، ويكون له فيه الحظ، ويكون الإغماض والحيف فيه على الضعيف، ويظن أنه قد أصلح، ولا يمكن المظلوم من أخذ حقه، وهذا ظلم، بل يمكن المظلوم من استيفاء حقه، ثم يطلب إليه برضاه أن يترك بعض حقه بغير محاباة لصاحب الجاه، ولا يشتبه بالإكراه للآخر بالمحاباة ونحوها).
4- الصلح في مرحلة التحقيق:
إذا وقعت جناية مما تجوز فيه المصالحة، كقضايا الاعتداء على النفس بالقتل، وما دونه، فيستحب للمحقق في أثناء التحقيق أن يعرض المصالحة على أطراف القضية، لأن الصلح خير، والله سبحانه وتعالى أمر به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمر به الخلفاء الراشدون، فإذا اصطلح أطراف القضية فعلى المحقق أن يضبط إقراراتهم بما اصطلحوا عليه، ويشهد عليهم، ويصدق ما كان متعلقا بالقصاص ونحوه شرعا، ويجب التنبه إلى أن القضية التي فيها حق خاص وحق عام، وتحصل المصالحة بين أطرافها، فإن المصالحة لا تسقط الحق العام الواجب في القضية، لأنه حق لكافة المجتمع، فلابد من إكمال الإجراءات المتعلقة به وإحالة من وجب عليه الحق العام مع المدعي العام إلى المحكمة.
وقد ورد النص على ذلك في المادتين (22، 23) من نظام الإجراءات الجزائية وبيناه في مصطلح: دعوى.
5- الصلح في مرحلة القضاء:
إذا وصلت القضية المحكمة فإن المدعي فيها إما أن يكون مدعيا عاما، أو مدعيا خاصا، فالمدعي العام لا يملك بحال من الأحوال الصلح أو التنازل عن الدعوى. وأما المدعي الخاص فإن كانت دعواه مما يجوز فيه الصلح، فإنه يملك حق الصلح، والتنازل، ويجوز للقاضي أن يعرض على الخصوم أمر الصلح، إذا رأى أن فيه مصلحة. قال الطرابلسي رحمه الله: (وإذا أشكل على القاضي وجه الحق أمرهم بالصلح، فإن تبين له وجه الحكم فلا يعدل إلى الصلح وليقطع به، فإن خشي من تفاقم الأمر بإنفاذ الحكم بين المتخاصمين أو كانا من أهل الفضل أو بينهما رحم أقامهما وأمرهما بالصلح. وقد أقام بعض قضاة العدل من الصدر الأول رجلين من صالحي جيرانه من بين يديه وقال: استرا على أنفسكما ولا تطلعاني على سركما. وقال عمر بن الخطاب: ردوا القضاء بين ذوي الأرحام حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن. قال بعضهم: إنما يجوز للقاضي أن يأمر بالصلح إذا تقارب الحجتان بين الخصمين غير أن أحدهما يكون ألحن بحجته من الآخر، أو تكون الدعوى في أمور درست وتقادمت وتشابهت. وأما إذا تبين للحاكم موضع الظالم من المظلوم لم يسعه من الله إلا فصل القضاء).

.194- صيال:

1- التعريف:
الصِّيالُ في اللغة: مصدر صَالَ يصولُ، إذا قدم بجراءة وقوة، وهو: الاستطالة والوثوب والاستعلاء على الغير. جاء في القاموس: صالَ على قِرْنِه صَوْلاً وصِيالاً وصُؤُولاً وصَوَلاناً وصالاً ومَصالَةً: سَطا واسْتَطَالَ، وصالَ الفَحْلُ على الإبِلِ صَوْلاً، فهو صَؤُولٌ: قاتَلَها، وصالَ العَيْرُ على العانةِ: شَلَّها، وصالَ عليه صَوْلاً وصَوْلَةً: وثَبَ.
وفي الاصطلاح: الصيال الاستطالة والوثوب والاعتداء على الغير بغير حق.
2- حكم الصيال:
الصيال حرام، لأنه اعتداء على الغير، وقد نهى الله تعالى عن الاعتداء في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة 190]؛ ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» رواه مسلم.
3- دفع الصائل وما يتعلق به من أحكام:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في دفع الصائل ولهم في ذلك تفصيلات، نذكر منها ما أورده البهوتي في كشاف القناع بالنص لوضوحه وشموله، حيث يقول: (ومن صال على نفسه بهيمة أو آدمي، أو صال على نسائه، كأمه وابنته وأخته وزوجته ونحوهن، أو على ولده أو ماله ولو قل المال، بهيمة، أو آدمي، ولو كان من أريدت نفسه أو حرمته أو ولده أو ماله غير مكافئ للمريد، أو كان الصائل صبيا أو مجنونا، كالبهيمة وسواء صال على ذلك في منزله أو غيره ولو كان متلصصا، أي طالبا للسرقة، ولم يخف الدافع أن يبدره الصائل بالقتل دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، لأنه لو منع من ذلك لأدى إلى تلفه وأذاه في نفسه وحرمته وماله ولأنه لو لم يجز ذلك لتسلط الناس بعضهم على بعض وأدى إلى الهرج والمرج، فإن اندفع بالقول لم يكن له ضربه بشيء، وإن لم يندفع بالقول فله، أي الدافع ضربه بأسهل ما يظن أن يندفع به فإن ظن أنه يندفع بضرب عصا لم يكن له ضربه بحديد لأنه آلة القتل، وإن ولّى هاربا لم يكن له قتله ولا اتباعه، كالبغاة، وإن ضربه فعطله لم يكن له أن يثني عليه، لأنه كفي شره. وإن ضربه فقطع يمينه فولى هاربا فضربه فقطع رجله فالرجل مضمونة بقصاص أو دية، لأن الزائد على ما يحصل به الدفع لا حاجة إليه فلم يكن له فعله، قال أحمد: لا يريد قتله وضربه لكن دفعه، فإن مات، الصائل من سراية القطعين فعليه أي الدافع نصف الدية، لأنه مات من فعل مأذون فيه وغير مأذون فيه. وإن رجع الصائل إليه أي إلى الدافع، بعد قطع يده ثم، رجله فقطع، الدافع يده الأخرى لكونه لم يندفع بدونه، فاليدان غير مضمونتين، بخلاف الرجل التي قطعها بعد أن ولى هاربا، وإن مات الصائل فعليه أي الدافع، ثلث الدية، كما لو مات من جراح ثلاثة أنفس قال في المبدع والشرح وقياس المذهب أن يضمن نصف الدية كما لو جرحه اثنان ومات منهما. فإن لم يمكنه، أي الدافع، دفعه، أي الصائل، إلا بالقتل أو خاف الدافع ابتداء أن يبدأه، أي الصائل بالقتل إن لم يعاجله بالدفع فله ضربه بما يقتله ويقطع طرفه ويكون ذلك هدرا، لأنه أتلف لدفع شره كالباغي.
وإن قتل المصول عليه فهو شهيد مضمون؛ لحديث أبي هريرة قال: «جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي، قال: لا تعطه، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته، قال: في النار» رواه أحمد ومسلم. وعن سعيد بن يزيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قُتل دون دمه فهو شهيد ومن قُتل دون أهله فهو شهيد» رواه أبو داود والترمذي وصححه.
وإن كان الدافع للصائل عن نسائه فهو لازم، أي واجب لما فيه من حقه وحق الله وهو منعه من الفاحشة، وإن كان الدفع عن نفسه في غير فتنة فكذلك، أي فالدفع لازم لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة 195]، وكما يحرم عليه قتل نفسه يحرم عليه إباحة قتلها ولأنه قدر على إحياء نفسه فوجب عليه فعل ما يتقي به كالمضطر للميتة، فإن كان في فتنة لم يلزمه الدفع لقوله صلى الله عليه وسلم في الفتنة: «اجلس في بيتك فإن خفت أن ينهرك شعاع السيف فغط وجهك»، وفي لفظ: «فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل»، ولأن عثمان ترك القتال على من بغى عليه مع القدرة عليه ومنع غيره قتالهم وصبر على ذلك ولو لم يجز لأنكر الصحابة عليه بذلك وله أن يدفع عن نفسه، وإن أمكنه الهرب والاحتماء كما لو خاف من سيل أو نار وأمكنه أن يتنحى عنه وكما لو كان الصائل عليه بهيمة، فإنه يجب عليه دفعها، وله قتلها ولا ضمان عليه فيها لسقوط حرمتها بالصول.
وإن كان الدفع عن نفسه في غير فتنة وظن الدافع سلامة نفسه فالدفع لازم أيضا، لأنه لا يتحقق منه إيثار الشهادة كإحيائه ببذل طعامه ذكره القاضي وغيره فإن كان في فتنة لم يلزمه الدفع لقصة عثمان.
ولا يلزمه الدفع عن ماله ولا حفظه من الضياع والهلاك، ذكره القاضي وغيره لأنه يجوز بذله وذكر القاضي أنه أفضل؛ وفي الترغيب المنصوص عنه أن ترك قتاله عليه أفضل؛ زاد في نهاية المبتدئ عن الثلاثة وعرضه، كمال غيره، أي كما لا يجب الدفع عن مال الغير، قال في المذهب: أما دفع الإنسان مال غيره فيجوز ما لم يفض إلى الجناية على نفس الطالب أو شيء من أعضائه، وجزم في المنتهى باللزوم مع ظن سلامتهما وهو معنى ما قدمه في الإنصاف، لكن له، كذا في الشرح، والظاهر أنه يجب عليه معونة غيره في الدفع عن ماله ونسائه في قافلة وغيرها، مع ظن السلامة، لحديث «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» ولئلا تذهب الأنفس والأموال).

.حرف الضاد:

.195- ضبط:

1- التعريف:
الضبط في اللغة: لزوم الشيء وحبسه، وحفظه بحزم، جاء في لسان العرب: الضَّبْطُ: لزوم الشيء وحَبْسُه، ضَبَطَ عليه وضَبَطَه يَضْبُط ضَبْطاً وضَباطةً، وقال الليث: الضَّبْطُ لزومُ شيء لا يفارقه في كل شيء، وضَبْطُ الشيء حِفْظه بالحزم، والرجل ضابِطٌ أَي حازِمٌ. ورجل ضابِطُ وضَبَنْطي: قويٌّ شديدٌ، وفي التهذيب: شديد البطش والقُوَّة والجسم.
وفي اصطلاح الفقهاء: الضبط: الحفظ المتقن.
والمراد بالضبط هنا هو: ملاحقة مرتكبي الجرائم وجمع المعلومات عنهم وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة.
2- من هم رجال الضبط؟
عرفت المادة الرابعة والعشرون من نظام الإجراءات الجزائية رجال الضبط الجنائي بأنهم: هم الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام.
وبينت المادة الخامسة والعشرون أن رجال الضبط يخضعون فيما يتعلق بوظائفهم في الضبط الجنائي لإشراف هيئة التحقيق، فأوردت المادة النص التالي: (يخضع رجال الضبط الجنائي فيما يتعلق بوظائفهم في الضبط الجنائي المقررة في هذا النظام لإشراف هيئة التحقيق والادعاء العام. وللهيئة أن تطلب من الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته أو تقصير في عمله، ولها أن تطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، دون إخلال بالحق في رفع الدعوى الجزائية).
3- من يقوم بالضبط الجنائي:
بينت المادة السادسة والعشرون من نظام الإجراءات الجزائية من يقوم بأعمال الضبط الجنائي حسب المهام الموكولة إليه وهم:
1- أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام في مجال اختصاصهم.
2- مديري الشرط ومعاونيهم في المناطق والمحافظات والمراكز.
3- ضباط القطاعات العسكرية كل حسب المهام الموكولة إليه في الجرائم التي تقع ضمن اختصاص كل منهم.
4- محافظي المحافظات ورؤساء المراكز.
5- رؤساء المراكب السعودية البحرية والجوية في الجرائم التي ترتكب على متنها.
6- رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حدود اختصاصهم.
7- الموظفين والأشخاص الذين خولوا صلاحيات الضبط الجنائي بموجب أنظمة خاصة.
8- الجهات واللجان والأشخاص الذين يكلفون بالتحقيق بحسب ما تقضي به الأنظمة.